مدير المنتدى مدير المنتدى
أوسمتي : [] عدد المساهمات : 196 نقاط : 28876 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 30/11/2010 العمر : 27 الموقع : https://ajmalba7r.roo7.biz
| موضوع: رمضان بين الصبر والشكر الثلاثاء فبراير 07, 2012 4:34 pm | |
| رمضان والصبر أما بعد: فإن رمضان شهر الصبر، ومدرسة الصبر، فالصوم تعويد على الصبر، وتمرين عليه؛ ولهذا ورد عن النبي أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر، وفي حديث آخر عنه قال: { الصوم نصف الصبر } [أخرجه الترمذي]. معنى الصبر وأقسامه ما هو الصبر؟ الصبر لغة: المنع والحبس. والصبر شرعاً: حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عن المعاصي، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: صبر على المأمور: أي: صبر على الطاعة. وصبر عن المحظور: أي: صبر عن المعصية. وصبر على المقدور: أي: على ما قدره الله عليك من المصائب والمحن والبلايا. وتجتمع هذه الثلاثة كلها في الصوم؛ فإن فيه صبرا على طاعة الله، وصبرا عمّا حرم الله على الصائم من الشهوات، وصبرا على ما يحصل للصائم من ألم الجوع، والعطش، وضعف النفس والبدن. وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال تعالى في المجاهدين: ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدونيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين [التوبة:12]. كثرة الأمر بالصبر في القرآن أيها الأحباب! لابد من التزود بزاد الصبر الجميل على طول الطريق؛ لوعورته ومشقته، ومن ثم يأتي الأمر من الله جل وعلا لمن نذر نفسه، وتجردت روحه لله، وانطلق يوم أن قال الله له: { قُمْ فَأَنذِرْ } [المدثر:2]، فقام وأنذر ولم يجلس طرفة عين حتى أتاه اليقين، دعا إلى الله جل وعلا بثبات وقوة وثقة واطمئنان وصدق وإخلاص، يأتيه الأمر من الله جل وعلا بعد كل هذا أن يتزود بالزاد الذي تزود به من قبل إخوانه من الأنبياء والمرسلين، فيقول ربنا جل وعلا: { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } [الأحقاف:35]، ويقول له جل وعلا: { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا } [المزمل:10]، ويقول له جل وعلا: { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } [الطور:48]، { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ } [القلم:48]، ويقول له جل وعلا: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ } [النحل:127]، ويأتي الأمر للأمة من بعده صلى الله عليه وسلم للتزود بهذا الزاد العظيم الجليل الكريم فيقول سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:200]، ويقول جل وعلا: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } [البقرة:45]، فضل الصبر بل ويبشر الله الصابرين بثلاث بشارات هي والله خير من الدنيا وما فيها، فيقول سبحانه: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ } [البقرة:155]، هذا هو الطريق يوضح لنا من البداية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [البقرة:155]، من هم الصابرون؟ { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } [البقرة:155-156]، (إنا لله): كلنا لله، بعقولنا وأموالنا وأولادنا وجوارحنا، { قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:156-157]، الله أكبر! ويبالغ الله في إكرام وتكريم الصابرين حتى في الجنة؛ بإدخال الملائكة عليهم لمصافحتهم والسلام عليهم وتهنئتهم بكرامة الله لهم، فيقول سبحانه: { وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ } [الرعد:23-24] بماذا؟ { بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } [الرعد:24]، ولم لا والذي يعلم جزاء الصابرين إنما هو رب العالمين! { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر:10]، وتتجلى صورة التكريم للصابرين بمعية الله جل وعلا لهم فيقول سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153]، وبالجملة ذكر الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن الله جل وعلا ذكر الصبر في تسعين موضعاً في القرآن الكريم، وهذا إن دل فإنما يدل على عظيم شرفه وكبير مكانته عند الله جل وعلا. أحاديث في الصبر روى البخاري و مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر )، الصبر أعظم عطاء؛ لذا قال: ( والصبر ضياء ) في الحديث الذي رواه مسلم من حديث الحارث الأشعري الطويل، (والصبر ضياء) أعظم ضياء وأعظم زاد للبلاء هو الصبر، بل إن الصوم يضاعف مضاعفة خاصة، ذلك أن الله عز وجل يتولى جزاء الصائمين، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي قال: { كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف }. قال الله عز وجل: { إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به؛ إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي } الحديث. وهكذا يتبين لنا عظم الارتباط بين الصوم والصبر، وأن الصوم سبيل إلى اكتساب خلق الصبر، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ). وقال: ( أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريما ). وقال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ( الصبر مطية لا تكبو ). وقال الحسن رحمه الله: ( الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده ). على مادا نصبر في رمضان فاصبر: على فعل الطاعات فيه. بعد الفرح بهذا الموسم لا يجدي الحماس فقط بل لابد من الصبر على مداومة الفعل، فما هو إلا زمن وينتهي، وربما يأتي العام المقبل وأنت في عداد الموتى، أو موجود وأصابك المرض، أو موجود -نسأل الله السلامة- وقد ضعف إيمانك، واعلم أن تتابع فرص الطاعات على الإنسان مع تتابع تضييعها يؤدي إلى ضعف الإيمان. واصبر: على تحصيل الإخلاص، فالإخلاص عزيز.. وتنبه هنا إلى أن المضاعفة ليست لكل أحد ولا تكون بمجرد القيام بالعمل، بل يعمل العمل وفي قلبه"إيمانٌ واحتسابٌ"إيمانٌ: أي امتثال لأمر الله، وتصديق بوعده. واحتسابٌ: بطلب الأجر من الله - تعالى -، والناس يتفاوتون في الأجر على حسب ما قام في قلوبهم من الإيمان والتقوى. واصبر: حتى تلقي عنك المؤونة وهذا الأذى وتصير إلى الجنة ونعيمها.. اصبر: حتى يكون الصوم كذلك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم) رواه البخاري. وقل بصوت: إني صائم.. قال السعدي: فقول الصائم بصوت"إني صائم"فيه فائدة فكأنه يريد قول: اعلم أنه ليس بي عجز عن مقابلتك على ما تقول، ولكني صائم، أحترم صيامي وأراعي كماله، وأمر الله ورسوله، واعلم أن الصيام يدعوني إلى ترك المقابلة ويحثني على الصبر، فما عملته أنا خير وأعلى مما عملته معي أيها المخاصم"أ.هـ. واعلم أن للصوم ثلاث مراتب: صوم العموم: وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.. وهذا كل الناس يقوم به. صوم الخصوص: وهو كف النظر، واللسان، واليد، والسمع عن الآثام. صوم خصوص الخصوص: وهو صوم القلب عن الهمم الدنية، والأفكار المبعدة عن الله - تعالى -، وكفه عما سوى الله بالكلية. وهذا لا يبلغه العبد إلا بجهد وصبر. اصبر: على طلب القبول من الله بعد انقياد نفسك للطاعات. وتذكر أن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام كانا يرفعان القواعد من البيت و يقولان: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127]. يسألان الله القبول برغم شرف عملهما وهم من هم. فكن بين أمرين؛ طلب الإعانة على الطاعات وطلب القبول من الله.. فكم من مستكثر من الخير في الدنيا ليس له في الآخرة من نصيب، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - المفلس حقيقة فقال: (المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام وصدقة وصلاة وزكاة ويأتي قد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار) رواه مسلم. اصبر: على الاجتهاد في الدعاء والتأدب بأدبه. ومن بينها مسألة الإلحاح في الدعاء فإنه مطلوب، لأن البعض قد يسول له المحمد يقول له: بما أن دعاء الصائم مقبول فلا حاجة إلى الإلحاح. ولننتبه إلى أن يكون الدعاء بخيري الدنيا والآخرة) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ([البقرة: 201]. فيا من يرقب ساعات الإجابة ويطلب من غيره الدعاء له،، هاهي الفرص بين يديك.. اصبر: واصبر على المداومة على هذا العمل، فلما سئلت عائشة - رضي الله عنه - عن أحب الأعمال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: أدومها وإن قل. رواه البخاري. وهناك فهم خاطئ لهذه المسألة فالبعض يظن أن القليل هو المطلوب والصواب: أن الكثير مطلوب أيضًا مع المداومة، فالشرط في العمل مع المداومة قلّ العمل أو كثر. اسأل نفسك: من رمضان الماضي إلى رمضان هذا كم مرة صليت القيام؟؟ نسأل الله المغفرة. لذلك اسأل الله طيلة هذا الشهر الدوام على الطاعة. واحذر أن تقع فيما يضيع عملك (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر) أخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. اصبر: على صد قطاع الطريق. خاصة في مسألة الجود، فمن الناس من يخذل ويقول: هؤلاء ليسوا محتاجين، وتذكر أن الرسول أخبر عمن تصدق على زانية وعلى غني وعلى سارق فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله.(زيادة الجامع الصغير للسيوطي). ولا يعني هذا عدم التحري، بل ذلك مطلوب لكن بعد التحري قم بالعمل واصبر على صد قطاع الطريق. واصبر: على تأخير أكلة السحور وأنت محتسب. قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور) رواه أحمد. متبعا لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالمحتسب يغير حياته كلها لأجل الله، فهو يأكل في وقت محبوب فيه النوم،ويمسك في وقت محبوب فيه الأكل،فيترك المحبوب في الوقت المحبوب لما هو أحب منه. وقال - صلى الله عليه وسلم - (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه) رواه أحمد في مسنده. واصبر: على ملازمة قراءته وفهم معانيه. واحرص على تدبره بأن تختار لنفسك جزءًا معينًا وتقرأ تفسيره مع مداومة قراءة كتاب الله، أو كلما قرأت آية ولم تفهمها فاقرأ تفسيرها، والأنفع الجمع بين الطريقتين. اصبر: على تدريب النفس والجوارح لتكون لك كما يريد الله. قال - تعالى - في الحديث القدسي: (ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها) رواه البخاري. اصبر: على مدافعة الهوى والمشاغل والتفرغ في هذه العشر. عن مسروق قال: قالت عائشة - رضي الله عنها - (كان إذا دخلت العشر أحيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الليل وأيقظ أهله وشد المئزر) أخرجه النسائي في سننه. فالمسألة تحتاج إلى جد وصبر. وما هي إلا أيام وسوف تنقضي *** ويدرك غبّ السير من هو صابر و أخيرًا احذر من أن تكون من القوم الذين لا يقدرون الله حق قدره قيل للحسن:- يا أبا سعيد من أين أتى هذا الخلق؟ قال:- من قلة الرضا عن الله، قيل:- ومن أين أتي قلة الرضا عن الله؟ قال:- من قلة المعرفة بالله؟ هذا ونسأل الله أن يجعلنا من الفائزين برمضان، وأن يوفقنا فيه لما يحب ويرضى، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.
| |
|